الجامع والسلطان لاجين
أهم إصلاح أدخل على الجامع هو ذلك الذى قام به السلطان حسام الدين
لاجين سنة 696 هجرية = 1296/ 97م فقد أنشأ:
- القبة المقامة وسط الصحن عوضا عن القبة التي شيدها الخليفة الفاطمى : العزيز بالله سنة 385 هجرية = 995م والتي كان قد أقامها بدلا من القبة الأصلية التي احترقت سنة 376 هجرية = 986م.
- المئذنة الحالية ذات السلم الخارجى.
- المنبر الخشبى.
- كسوة الفسيفساء والرخام في المحراب الكبير .
- قاعدة القبة التي تعلو هذا المحراب .
- العديد من الشبابيك الجصية،
- محرابا من الجص مشابها للمحراب المستنصرى بالكتف المجاورة له،
- سبيلا بالزيادة القبلية وقد جدده قايتباى فيما بعد ثم قامت بترميمه إدارة حفظ الآثار العربي.
للسلطان
لاجين قصة رواها
السيوطي في كتابه التاريخي: حسن المحاضرة في أخبار مصر
القاهرة، مفادها أن لاجين كان أحد
المماليك الذين قاموا بقتل الملك الأشرف
خليل بن قلاون، ومن ثم أخذ مماليك و حلفاء الأشرف في طي البلاد بحثا عنه ليثأروا، فما كان من
لاجين إلا ان احتمى في منارة هذا الجامع الذي كان قد هجرته الناس وتحول إلى مربط للخيل ومكانا للمسافرين، وينذر على نفسه نذرا إن مرت هذه المحنة بسلام، فسيتكفل بتجديد و إعمار المسجد مرة أخرى.
وتدور الأيام ويتولى لاجين عرش مصر، ويسمى بالمنصور، فيوفى بنذره، ويعيد إعمار الجامع بعد خرابه بأكثر من 4٠٠ عام، فنذر له المال والأوقاف وبلّطه، وبنى ميضأة، وجعل فيه كتاب لتعليم الأطفال وزرع حوله البساتين وأزال الخراب من حوله متكلفا مالا جما. بحسب السيوطي
[] الجامع في العصر الحديثفى القرن الثانى عشر الهجرى - الثامن عشر الميلادى - كان هذا الجامع يستعمل كمصنع للأحزمة الصوفية ، كما استعمل في منتصف القرن الثامن عشر ملجأ للعجزة. ثم أتت لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1882م، وأخذت في إصلاحه وترميمه، إلى أن كانت سنة 1918م حين أمر
الملك فؤاد الأول بإعداد مشروع لإصلاحه إصلاحا شاملا، وتخلية ما حوله من الأبنية، راصدا لذلك أربعون ألف جنيه، أنفقت في تقويم ما تداعى من بنائه، وتجديد السقف، وترميم زخارفه إلى أن أعيد ترميمه وافتتاحه في عام ٢٠٠5، كواحد من ٣٨ مسجد تم ترميمهم ضمن
مشروع القاهرة التاريخية، وقد أعلنت وزارة الثقافة أن إعادة ترميم الجامع تكلفتها تجاوزت ١٢ مليون جنيه.
[] المعمار والفنون الأخرىيتكون هذا الجامع من صحن مكشوف، متساوس الأضلاع تقريبا، طول ضلعه 92 مترا، وتتوسطه قبة محمولة على رقبة مثمنة، موضوعة على قاعدة مربعة بها أربع فتحات معقودة، وبوسطها حوض للوضوء، والملاحظ فيها هو وجود سلم داخل سمك حائطها البحرية، يصعد منه إلى أعلى الرقبة. ويحيط بالصحن أربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة وبه خمسة صفوف من العقود المدببة المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع، مستديرة الأركان على شكل أعمدة ملتصقة، أما الأروقة الثلاثة الأخرى فبها صفين فقط. ويغطى الأروقة الأربعة سقف من الخشب حديث الصنع، عمل على نفس نمط السقف القديم، وبأسفلة أعيد وضع الإزار الخشب القديم، المكتوب عليه من الآيات القرآنية بـ
الخط الكوفى المكبر.
طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا، يحيط به من ثلاثة جهات - الشمالية والغربية والجنوبية - ثلاث زيادات عرض كل منها 19 مترا على وجه التقريب، مكوّنين مع الجامع مربعا طول ضلعه 162 مترا، ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة في نوعها منارة الجامع، والتي لا توجد مثيلة لها في مآذن القاهرة وأغلب الظن أنها بنيت على غرار المنارة الأصلية للجامع، ذلك لأن هذه المنارة بنيت في العهد المملوكي كما تقدم، ولعلها قد بنيت على نمط مئذنة
سامراء، وهي مربعة من الأسفل، ثم أسطوانية وتنتهى مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا.
وجهات الجامع الأربع تمتاز بالبساطة، وليس بها من أنواع الزخرف سوى صف من الشبابيك الجصية المفرغة المتنوعة الأشكال والمختلفة العهود، والتي تنتهى بشرفات مفرغة بديعة. وأمام كل باب من أبواب الجامع، يوجد باب في السور الزيادة - الخارجي -، بالإضافة إلى باب صغير فتح في جدار القبلة، وقد كان يؤدى إلى دار الإمارة التي أنشأها
أحمد بن طولون في شرق الجامع.
جدار القبلة يتوسطه
المحراب الكبير، الذى لم يبقى من معالمه الأصلية سوى تجويفه والأعمدة الرخامية التي تكتنفه، وما عدا ذلك فمن عمل السلطان لاجين كما تقدم. بأعلى الجزء الواقع أمام المحراب توجد قبة صغيرة من الخشب، تحيطها شبابيك جصية مفرغة مشغولة بالزجاج الملون، وإلى جانب المحراب يوجد منبر أمر بعمله السلطان لاجين أيضا، ووضع في محل المنبر الأصلى، وهو مصنوع من الخشب، وعلى هيئة أشكال هندسية تحصر بينها حشوات محلاة بزخارف بارزة، وهذا المنبر يعتبر من أقدم منابر مساجد القاهرة، فيعتبر من حيث القدم ثالث المنابر القائمة بمصر: فأولها منبر المسجد الموجود ب
دير القديسة كاترين ب
سيناء، والذى أقامه الأفضل شاهنشاه في أيام الخليفة الفاطمى
الآمر بأحكام الله سنة 500 هجرية =
1106م، وثانيها منبر المسجد العتيق ب
قوص الذى أمر بعمله
الصالح طلائع سنة 550 هجرية = 1155م. أما الزخارف الجصية المتعددة ، و الزخارف التي استخدمت في الأبواب، فيلاحظ تأثرها الكبير بجامع
سامراء ، حيث بدأت الأسرة الطولونية هناك قبل أن تنشئ دولتها في مص